الكتابة في العصر الجاهلي والعصرالعباسي والعصر الأموي

الكتابة في العصر الجاهلي والعصرالعباسي والعصر الأموي

كيف كانت الكتابة في العصر الجاهلي ؟

لا شك أن الكتابة في العصر الجاهلي مرت بمراحل متعددة إلى أن وصلت لمرحلة النضج، أو تلك التي هي قريبة من لغة القرآن الكريم وكتابته، فكما مر الشِعر بأطوار؛ فإن الكتابة فعلت كذلك أيضا.

كيف نشأت الكتابة في العصر الجاهلي ؟1

كما اختلف العلماء في نشأة اللغة أهي وحي أم إلهام؛ فقد اختلفوا كذلك في كيفية نشأة الكتابة .. هل هي توقيفية من عند الله، أم أنها من صنع البشر؟

الاتجاه الأولالاعتماد على المرويات.

اعتمد أصحاب هذا الاتجاه على المرويات، وتجاهلوا تحليل النقوش، واختلفت آراؤهم كالتالي:

1- نظرية التوفيق.

يرى أصحابها أن الكتابة توقيفية من عند الله سبحانه وتعالى، علّمها لآدم عليه السلام كما علمه اللغة.

وهذا الرأي لا يسلم من الاعتراضات، وبخاصة أنه لم يعتمد على أي دليل علمي، سوى تفسير لبعض النصوص الدينية، مع العلم أن هذه النصوص تحتمل وجوهًا أُخر من التفسير.

2- النظرية الحيرية:

 يؤمن أصحابها بالوضع والاصطلاح في اللغة، وأن الخط نُقل من الحيرة في العراق إلى الحجاز، وقد ورد من الأنبار للحيرة.

3- النظرية الحميرية.

وبما أن الكتابة بمفهومها المتمثل في إنشاء الكتب والرسائل، هي عملية ملازمة لكل أمَّةٍ ذات حكومة لها هيكلية مؤسسية ونظام متعارف عليه؛ فقد تم استعمال الخط المُسند الحِميري عند الأولين منذ عهد طويل، لكن دون أن يصلنا شيءٌ من الرسائل التي تبرهن على هذا الطَّرح.

يرى أصحاب هذه النظرية أن الخط العربي تطور من قلم المسند الجنوبي، بسبب شهرة هذا الخط في الأوساط العربية القديمة، فقد تطور هذا الخط لمجموعة من الأقلام، وقد وجدت مجموعة النقوش مكتوبة بتلك الأقلام وهي اللحيانية والصفوية والثمودية.



أحد النقوش الثمودية

الاتجاه الثانيالاعتماد على النقوش.

في ضوء التطور العلمي وظهور نقوش مكتوبة لم يعد من الممكن أن نتعامل مع نشأة الكتابة في العصر الجاهلي على أسس الفرض والاحتمال، فهذه النقوش مثل الحفريات في علم الأحياء، لها أهمية كبرى في معرفة مراحل تطور الكتابة، ولهذا اتجه العلماء المعاصرون إلى تحليل هذه النقوش للوقوف على كيف كانت الكتابة في العصر الجاهلي.

أولًاالخط المسند في الأثريات والنقوش.

إن كانت نظرية خط المسند المعتمدة على المرويات قد باءت بالفشل، فقد حاول بعض الباحثين تطويع النقوش لإثبات هذه النظرية، وقد استعملوا في ذلك التصور والتخييل أكثر من اعتمادهم على الواقع، لدرجة أنهم تكلفوا مجموعة كبيرة جدًا من التغييرات والتحويلات في الخط حتى يصبح خطًا عربيًا.

ولهذا أتت نظريتهم غير مقنعة بالرغم من اعتمادها على النقوش.


منطقة وادي الموجب حيث يظهر بعض الكتابات القديمة على الصخور البازلتية

ثانيًاالنظرية النبطية.

من خلال دراسة النقوش العربية ومقارنتها بالكتابة النبطية توصل العلماء إلى أن هناك علاقة وثيقة بين النقوش العربية ونظيرتها النبطية، واستطاعوا الوصول إلى أن النقوش العربية كتبت بالخط النبطي الذي تطور مع الوقت ليصبح خطًا عربيًا له خصائص مميزة.

وهذه النتيجة التي توصل لها الباحثون ليست وليدة الفرض ولا للاحتمال أو التأويل، وإنما هي وليدة الدراسات الجادة والدقيقة التي قاموا بها.

الاتجاه الثالثمحاولة التوفيق بين النقوش والمرويات.

لم يشأ أصحاب هذا الاتجاه أن يضربوا بالمرويات عرض الحائط وفي الوقت نفسه لا يمكنهم تجاهل النتائج العلمية المؤكدة التي توصل لها العلماء من خلال دراسة النقوش.

فحاولوا جاهدين التوفيق بين الاثنين، فرأوا أن الخط العربي هو خط مخترع قام بابتكاره العارفين بالخطوط الأُخر سواء خط المسند أو الخط النبطي، فمن الوارد أن العارفين بأنواع الخطوط والكتابات المنتشرة، انتقوا منها خطًا جديدًا يوافق احتياجهم.


تباين في وجهات النظر حول كيفية نشوء الكتابة

إن تفسير نشأة الكتابة في العصر الجاهلي يلعب دورًا مهمًا في الوقوف على كيفية الكتابة في العصر الجاهلي، وبخاصة أن الاختلاف في نشأة الكتابة يتبعه اختلاف في كيفيتها.

كيف كانت الكتابة في العصر الجاهلي ؟2

لم تكن الكتابة في العصر الجاهلي موجودة على نطاق واسع، وإنما كانت مستعملة في كتابة بعض العهود والمواثيق والوثائق المهمة، وكان العارفين بالكتابة نفر قليل، ولكنهم كانوا موجودين.

وكانوا يكتبون على الرقاع والجلود والصخور والعظام وغيرها.

 


قراءة في نقش أم الجمال ( بادية الأردن)

الكتابة في العصر الجاهلي كانت مكتوبة بالخط النبطي على الأرجح والذي أخذ يتطور مع الوقت حتى أصبح الخط العربي المستعمل في القرن السادس الهجري، وهذا التطور سجلته النقوش التي عثر العلماء عليها مثل نقش أم الجمال ونقش النمارة ونقش الزبد وغيرها من النقوش.

أغراض اللغة في الجاهلية:-

  • تم توظيفها في أغراض المعيشة البدوية، بغية وصف مرافقها من حِلٍ وترحال، وانتجاع كلإٍ، واستدرار غيث، ونَتْج حَيوان.
  • تم تطويعها في مضمار إثارة النِزاعات والمُشاحنات، وما يتصل بها ويتبعها من حَثٍّ على إدراك الثأر، والتفاخُر بالانتصار، إلى جانب التَّباهي بكرَم الأَصلِ والنَّجاَر.
  • شرحُ حال المشاهدات والكيفيات، والإِخبار عَن الوقائع والقصص والأساطير وخلافها.

 

الكتابة من أسمى فنون الحياة، حيث إن الكتاب في كل العصور ذوي مكانة مرموقة، وأصحاب رأي سواء سياسي أو نقدي أو فني، ربما كانت العصور القديمة أكثر حظاً بالمؤلفات العظيمة، والكتاب العباقرة، الذي نقشوا اسمائهم نقشاً في جدران التاريخ.

تعرف الدولة الأموية، والدولة العباسية بالحضارة والثقافة، حيث بدت في كلا العصرين مظاهر الفخامة والبزغ والغنى، إذ أن كل دولة ظهر فيها شكل معين للكتابة، واختص كل عصر منهم بشكل جديد من الفنون، ولكي يمكن التعرف على الفرق بين الدولة العباسية والدولة الاموية.
يجب التعرف على خصائص الكتابة في كل عصر.

الكتابة في العصر العباسي

يعرف العصر العباسي، بأنه أكثر العصور تقدم وتطور في الكتابة والشعر والنثر، حيث أزدهر إزدهار مبهر، فكان للكتاب مكانة كبيرة حيث كان الحكام يأخذون بأرائهم في كل كبيرة وصغيرة، وكانوا يمنحوهم سلطان مميزة، ومراكز كبرى، لأنهم على علم ودراية بأن أصحاب القلم هم أكثر الناس علماً، ولا سيما أن الكتابة علم وفن لا مثيل لها، لأن يجب أن يكون وراء الكاتب فكر ينبع منه أفكاره، وحكمة تنسج سطوره وتنظمها نظماً.

في العصر العباسي كان يخير الوزير من بين فئة الكتاب، وكانوا يتولوا مناصب مساعدي الوزير، لكي يعينوه على اتخاذ القرارات، كان للكتاب العديد من الاختصاصات والتي تمثلت في[3]:

كتابة رسائل الملوك، حيث كان من اختصاصهم كتابة الرسائل ويصيغوها، متضمنة ما يريد الملوك ان يرسلوه لنظائرهم، فكان يطلق عليهم تراجمة الملوك لما لهم من دور كبير في صياغة الرسائل بما يليق.

كان كاتب الخراج، له مهمة مختلفة فكان يشرف علة تنظيم الخراج ومتابعة أموال الدولة.

·         كان الكتاب من اختصاصهم كتابة اسماء الجنود وتسجيل صفاتهم وسلوكهم، لكي يكون السلاطين على علم بأداء كل منهم وتعينهم في المناصب التي يستحقوها.

·         الكتابة في العصر العباسي كان لها أثر كبير، فكان الكتاب مصدر الوعين ونشر القافة، وكان لكل منهم أثره الكبير، ولا سيما أن الكتاب كانوا قدوة لكل من حولهم، فكان يتحاكى الناس بهم.

·         كان الكتاب في العصر العباسي على علم كبير ولهم قدرة على الإقناع لأنهم كانوا يهتموا بمشكلات الناس وما يدور بينهم، وكانوا على علم كبير.

·         كان هناك الكتاب الأكثر شهرة وهم كتاب الشعر والنثر، كونهم أعظم الفنون في تلك العصور، وكان هاك جهابزة مثل المتنبي في كتابة الشعر، وكان لكتاب الشعر مكانة عظيمة، خاصة إنهم كانوا كثيري المدح للحكام[1].

خصائص الكتابة في العصر العباسي      

هناك العديد من الخصائص التي لازمت الكتابة في العصر العباسي، واشترك فيها العديد من الكتاب وتتمثل في:

·         شملت الكتابة في العصر العباسي كافة نواحي الحياة، فكتب الأدباء عن كل ما يحيط بهم كما اهتموا بوصف الطبيعة والثمار والحدائق.

·         وصفوا الكتاب المدن والمعمار، حيث بلغت الهندسة المعمارية أشدها، وتوصل المهندسين إلى أقصى درجة من التصميم والبناء.

·         اهتم الكتاب بالفقراء والكادحين ووصفوهم في كتبهم وأشعارهم فوصفوا الخباز ووصفوا العمال والفلاحين والمزارعين وكل الأشخاص الذين يعملوا بجد واجتهاد، كما أن هناك العديد من الكتب التي حوت صور ورسوم لهؤلاء العمال.

·         غلبت الحضارة والرقي على الكتابة، فوضحت في أسلوب صياغة الجملة، وفي أبيلات الشعر، فتميزت المعاني بالرقي والقوة.

·         عرفت الكتابة في العصر العباسي بالابداع والتميز، فكان هناك مقدرة مميزة للكتاب على اختراع المعاني ونفاذ الرؤية للقارء.

·         استخدم الشعراء في العصر العباسي المباني الشعرية المميزة واعتمدوا على تزين الكلمات، فكانت مزخرفة كالمنازل والقلاع تماماً.

الكتابة في العصر الأموي

على عكس ما حدث فيما بعد في الدولة العباسية، فكان العباسيين مهتمون بالحاضر والمستقبل، والصناعة والتجارة والحكام، بينما الامر كان مختلف في الدولة الأموية، فقد أعتنى الكتاب بمدح الأباء والأجداد وذكر النسب والأصل، وكان للكتابة في العصر العباسي النصيب الأكبر، حيث كانت مزدهرة ومنتشرة وواصلة إلى زروتها وقوتها، بينما اقتصرت الكتابة في العصر الأموي على بعض الموضوعات، ولكنها لم تكن ضئيلة، ولكن ما حدث في العصر العباسي من تطور ورقي في الكلمة جعلها أقل حجماً مما باتت عليه في العصر العباسي، وكانت الكتابة في العصر الأموي أكثرها رسائل كتابية، ولذلك[4]:

·         استخدمت الدولة الاموية الرسائل استخدام كثير، وبغزارة كبيرة.

·         كانت المكاتبة أحياناً تحدث بين الدولة والثوار، وذلك لكثرة الحروب والثورات في ذلك العصر.

·         الكتابة بين الحكام ومن يتولوا حكم المدن.

·         الكتابة السياسية كان لها النصيب الوافر بين أنواع الكتابة في عصر الدولة الأموية.

خصائص الكتابة في العصر الأموي

تميزت الكتابة في العصر الأموي بالتناحر، حيث كان يهجي كل فريق الأخر[5].

·         استخدم الكتاب السجع، فكان يعتبر طريقة لتزين الكلام وزخرفته.

·         استخدم الكتاب الصور في كتبهم، كنوع من أنواع التطور، الذي انتشر في هذا العصر بكثرة.

·         استخدم الكتاب أسلوب الازدواج والتأكيد على المعاني والمقاصد بالصور والسوم.

·         استخدم الكتاب أنواع الإيهام والإدعاء في الكتابة.

·         التأنق الشديد في اختيار اللفظ والمعنى.

·         استخدم الكتاب والشعراء الطباق والتصوير الذي يعتمد على التوازن حتى لا يمل القراء ولا يتشتتوا.

·         تعتبر قصائد الأمويين عبارة عن تأريح وتدوين لما يحدث من مواقف وحروب.

·         تميز الكتاب الأمويين بتأثرهم بالمفردات الإسلامية، والطابع الغسلامي في كتاباتهم، فتأثروا بالقرآن الكريم تأثير كبير، واستشهدوا بالآيات القرآنية المباركة في أغلب مؤلفاتهم.

·         عرفت الأشعار في هذا العصر بالتعصب الشديد.

·         انتشرت الخطابة في العصر الأموي، وهي ما تعرف باسم النثر، حيث كان له النصيب الأكبر من التطور والإزدهار، فبني أميه أبدعوا في كتابة النثر، وتطوروا فيه تطور كبير، والسبب في ذلك انتمائهم الكبير للدين الإسلامي الحنيف، حيث تولوا الدفاع عن الدين والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وتوضيح أهداف الدين الإسلامي وغرس تشريعاته بين الناس وفي عقولهم.

·         كانت الكتابة في العصر الأموي ناضجة بما يكفي، مما جعلهم مميزين بشكل كبير فيما بين بين صفحات التاريخ، خاصة في علم الخطابة.

·         من أشهر خطباء الدولة الأموية، الحجاج بن يوسف الثقفي, واكن يشتهر بكتاباته المميزة، واشتهر بقوة كلمته، وبلاغته الكتابية.

·         من أشهر الكتب التي ألفت في العصر الأموي كتاب كليلة ودمنة، لأبن المفقع، وهو أحد الكتاب المميزة في عصر بني آمية.

 

 

  

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مقالة جدلية هل مصدر المعرفة عقلي ام تجريبي

زراعة المرستيم

الوسط الصحراوي